Tuesday, January 28, 2014

اسطورة بيجماليون

كان يعيش في قبرص شاب وسيم يدعى بجماليون وكان هذا الشاب فنانا موهوبا في نحت التماثيل ولم يكن يصل لمستوى فنه وعبقريته اي انسان اخر في زمنه



فكان ينحت التمثال من العاج او الحجر فيبدو كأنه مخلوق حي من لحم ودم


وكان بجماليون يكره النساء بشدة ويرى ان المرأة مخلوق ناقص كله عيوب وانها وراء كل الكوارث التي تصيب الرجال ولم يكن موقفه هذا يحتمل المناقشة او التغيير


لذلك اخذ على نفسه عهدا بألا يتزوج او يفكر في النساء وقرر ان يهب حياته لفنه الذي ابدع فيه



وبالرغم من موقف بجماليون السابق من النساء فقد كانت اجمل تحفة فنية صنعتها يداه عبارة عن تمثال لامرأة فائقة الحسن ، لم يكن التمثال مجرد صورة عادية ولكنه كان آية في الجمال والروعة وكان تجسيدا لكل اوصاف الحسن والجمال


ولعله اراد بهذا التمثال رسم نموذج للاكتمال يكشف به قبح النساء ويشعر الرجال ببشاعتهن او انه لم يستطع ان ينحو من خياله ما استطاع ان يمحوه من حياته وواقعه ولكن هذا التمثال اصبح هم بجماليون الاكبر فكان يصنع باصابعه الساحرة لمسات فنية جديدة يضيفها اليه في كل يوم حتى اصبح التمثال اروع تحفة فنية يمكن صناعتها



ولم يعد بجماليون يستطيع ان يجمل تمثاله اكثر من هذا الحد فقد اصبح اجمل من أي امرأة او أي تمثال اخر فقال بجماليون مخاطبا تمثاله الجميل : كنت جميلة واصبحت الان اجمل ، كنت رائعة واصبحت الان اروع



ولكن بجماليون اصابه امر لم يكن يخطر بباله فقد احب تمثاله حبا شديدا واصبح لا يقدر على فراقه لحظة واحدة ، يقضي معه ساعات الليل الطويلة يقبله ويدغدغ يديه ووجهه



كان يفعل كل ذلك وهو يتخيل انه امامه امرأة حقيقية وليس تمثالا ، ثم حاول بجماليون لفترة من الزمن ان يقلد الاطفال الصغار فيفعل معها ما يفعلونه مع دماهم يلاطفها ويلاعبها ويكسوها بالملابس الفاخرة ، يأتيها بالهدايا الثمينة كالعطور والورود الجميلة والعصافير



ولكنه كان عبثا يحاول ان يبعث الحياة في شيء ميت ، وادرك بجماليون انه لن يستطيع الاستمرار في هذا الوهم ومنذ ذلك الحين تحول بجماليون الى ضحية تستحق الرثاء والشفقة



وكانت " فينوس " ملكة الحب على علم بما يحدث لبغماليون فلما وصل به الحال الى هذه الدرجة القصوى من البؤس والقنوط رقت لحاله وقررت ان تساعده



ولما جاء عيد " فينوس " بدأت تنصب الزينات وتقام الافراح احتفالا بها وكانت المعابد تزدحم بالعشاق الذين يأتون من كل صوب حاملين هداياهم وقرابينهم الى ملكة الحب لكي ترضى عنهم وتتوسط لهم لدى معشوقاتهم لكي يبادلوهم حبهم وهيامهم



ذهب بجماليون بالطبع ليشارك هذه المرة ولم يكن من قبل يهتم او يبالي بمثل هذه الاحتفالات والطقوس وقد حمل هدية ثمينة تليق بمقام فينوس التي اصبحت اخر رجاء له



وقف بجماليون وسط المعبد واخذ يناجي عشترون يطلب منها ان تجد لبجماليون البائس عذراء تشبه تمثال المرأة الذي صنعه بيديه ووقع في غرامه وتجرع كأس عذابه حتى الثمالة


وبعد طول وقوف ورجاء رأى بجماليون الشعلة تضطرم في الهواء فوق المعبد ثلاث مرات وكان هذا دليلا على رضا فينوس واستجابتها لتوسلاته ورجائه فاستراحت نفس بجماليون وشعر بالتفاؤل وبدأ الامل يتسرب الى قلبه مرة اخرى



ولما رجع بجماليون الى منزله ألفى حبيبته منتصبة على منصتها فنظر اليها نظرة طويلة ملؤها الرجاء والامل ثم اقبل عليها وامسك يدها وضغط عليها بقوة لكنه تراجع بسرعة والدهشة تتملك جوارحه


شعر بجماليون بحرارة غريبة تسري في جسده ! هل استجابت فينوس وحدثت المعجزة ؟!


لم يصدق بجماليون نفسه في اول الامر فما حدث كان يشبه الصدمة ، ثم اقبل على عذرائه مرة اخرى فضمها الى صدره وطوقته بذراعيها


اما بقية الاسطورة فتقول : ان بجماليون اطلق على عذرائه اسم "فلاطية " او جالاتيا وانهما تزوجا وان ملكة الحب فينوس باركت زواجهما وحضرت حفل زفافهما بنفسها
وانهما انجبا طفلا اسمياه " بافوس " اطلق اسمه فيما بعد على مدينة " قبرص

5 comments: