Tuesday, January 28, 2014

اسطورة باخوس

زيوس رب الأرباب عشق فيمن عشق من نساء البشر الأميرة الجميلة (سيميلي) ابنة قدموس (كادموس) ملك ومؤسس طيبة، ووصلها وطره فحملت منه طفلاً لم يكتمل نموَّهُ في أحشائها وقد ماتت. سمعت هيرا زوجة زيوس بخيانته لها فطار صوابها وغضبت غضباً شديداً، ولشدة غيرتها العمياء قررت الانتقام لنفسها فأغرت غريمتها سيميلي بأن تطلب من عشيقها السماوي أن يتجلى أمامها وهي البشرية الفانية بهيئته الألوهية الكاملة، وأن يقسم لها قسماً غليظاً، وأن يقطع عهداً متيناً على نفسه أن يوفي لها ما تطلب أياً كان. وكان لها ما شاءت. وفعل زيوس مضطراً ما أرادت وفاء بالقسم وحفاظاً على العهد، وفي اللهب الرائع لحضوره وبرفقة صاعقته بأضوائها الساطعة وبرقها السماوي.. لم يحتمل جسد سيميلي كل ذلك.. ففارقته الحياة. وما كان من زيوس إلا أن انتزع الجنين من بطنها وأخفاه في فخذه كي يكتمل نموَّه.. ولما أتى موعد ميلاده.. ولده زيوس من فخذه، وأخفاه عن عيني هيرا الغيورة حتى كبر.. و هكذا يكون باخوس قد امضى فترة حملهفي رحم امه و القسم الاخر في فخذ ابيه زيوس ثم بدأ ديونيسيوس يجوب البلدان فخوراً بخمره وناشراً دعوته كرب للحقول والخصوبة، وعرف ديونيسيوس بأكثر من اسم أهمها:

((الإله باخوس)).. إله الخمر ومصدر النشوة التي تثور في أعماق الإنسان. ذاك الإله الأسطوري المزيج من الآلهة والإنسان، والذي ولد ولادة خارقة ذاك الإلهة الأسطوري الذي يبدو ونحن نحقق ما بينه وبين الإنسان من نسب، وما بينه وبين مصدر النشوة الكبرى التي تثور في أعماق الإنسان، إنه قد ولد ليكون والداً للفن الشعبي الديني..) لقد غنى لأتباعه وهو في قمة النشوة، وغنوا معه مريدوه وأتباعه، و غالبا كانو مجموعة من النساء المتوحشات اطلق عليهن اسم الباخوسيات نسبة له و كانت هذه الطقوس الماجنة و الغريبة تقام في الغابات حيث يجتمع مريدوه وخاصة الشعراء منهم، الذين نَظموا المرثيات (الديثوراميوس). والخمريات المستوحاة من جلساته، و كانت لهذه الطقوس التاثير الكبير و البالغ على نشوء المسرح عند اليونانين ونسبوا بعضها لـه بعد وفاته.ومنها خرجت التراجيدياالتي ترتبط به بشكل مباشر.

ـ أحبه الشعب اليوناني وراحوا يمجدون هذا الإله بإقامة الاحتفالات والمهرجانات العظيمة على شرفه، والتي يعبرون فيها عن مشاعرهم بالرقص والغناء. وكان الشعراء الغنائيون ينظمون المقطوعات الشعرية الخمريات والديثورامبوس وينشدونها في أعياد ديونيسيوس ويتخذون أسطورته موضوعاً لأناشيدهم. وكان الشاعر يضم إليه جماعة من الناس يلقنهم بعض الأبيات التي تفيض بالحزن والأسى، يرددونها أثناء الإنشاد، كان أفراد هذه المجموعة (الجوقة فيما بعد) يرتدون جلد الماعز ليظهروا بمظهر الساتوروي ((أتباع ديونيسيوس)).



توفي باخوس ( ديونيسوس) بعد أن قامت التيتان بتمزيقه وهو على هيئة ثور، حول نفسه إليه هربا منهم

تاثير طقوس و احتفالات باخوس على المسرح اليوناني :

ـ كان ((آريون الكورينثي هو أول من ابتكر هذه الأناشيد ((الديثورامبوس)) عام 650 ق.م وعلمها لأفراد (جوقة) في كورينثة، وهو أول من هذب هذه الأناشيد بعد جمعها، وجعلها فناً أدبياً. ـ ثم ظهر ((لاسوس)) الذي عمل على نشر الرقصات الديثورامبية (الرقصات أو الحركات التمثيلية التي كانت تصاحب أناشيد (الديثورامبوس والخمريات) بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات. وتبعه شعراء آخرون ساهموا مساهمة فعالة في ارتقاء هذه الأناشيد حتى أصبحت فناً رفيعاً من فنون الشعر الغنائي. ـ بدأت بذور المأساة تتكون في المدن اليونانية أهمها (سيكوون وكورينثة) إلا أنها استقرت أخيراً في (أتيكا) حيث اكتملت عناصرها الفنية، واتخذت صورتها النهائية، فهناك تحول القاص (الشاعر( إلى ممثل بالمعنى الصحيح، وأصبح رئيساً للجوقة، يقوم بالدور الرئيسي فيمثل شخصية الإله، كما يقوم بسائر الأدوار بأن يدخل خيمة ويغير من ملامحه وملابسه. وكان كل مرة يخاطب أفراد الجوقة في موضوع مختلف، وبذا امتلأت المأساة حياة وحركة بفضل تنوع مهمته.. ثم مرت المأساة بمرحلة مهمة، فأصبحت تتناول موضوعاً مفصلاً متعدد الحوادث، بعد أن كانت مجرد مجموعة من الأناشيد تنشد تكريماً للإله (ديونيسيوس). وأصبحت تتخذ موضوعها من الأساطير القديمة، بعد أن كانت مقصورة على ذلك الإله. وصارت المأساة تعالج الموضوعات التاريخية إلى جانب الأساطير القديمة، واهتمت بكافة المشاكل الإنسانية. ولقد أدى طول المأساة، واتساع موضوعها إلى تقسيمها إلى مجموعات ثلاثية وأحياناً رباعية (أجزاء) مستقلة يمكن عرض كل منها على حدة.

وهكذا وصلت المأساة إلى أقصى درجات الكمال، لا سيما بعد أن خلع أفراد الجوقة جلودهم (جلود الماعز) التي كانوا يلبسونها ليظهروا بمظهر (الساتوروى). ـ لقد كان لشعراء اليونان الفضل الكبير في ارتقاء الدين اليوناني القديم، إذ كانوا بمثابة الرسل وكانت مؤلفاتهم بمثابة الكتب السماوية. ولقد ملأ الدين اليوناني مؤلفات الشعراء منذ عهد (هوميروس وحتى عصر (يوربيدس) غير أن الدين اليوناني يدين بمغزاه العميق إلى شعراء المسرح على وجه التحديد الذين طوروا الغناء الباخوسي (أناشيد المراثي العنزية والخمرية). إذ كانت المسرحيات اليونانية تعرض كجز من احتفال ديني يقام تكريماً للإله ((ديونيسيوس أو باخوس)) في شهر آذار (مارس) من كل عام، حيث تخصص ثلاثة أيام للعروض المسرحية. وكانت المناسبة الرئيسية لإنتاج وعرض هذه المسرحيات هي أعياد (ديونيسيوس) الكبرى التي تقام في مدينة أثينا. وبذلك أخذت هذه المراثي والخمريات صيغة مسرحية كاملة مؤلفة من شخصيات وصراع (أحداث خارقة ومآسي) وحوار وموضوع، وفي النهاية تقدم المسرحية قصة مشوقة

No comments:

Post a Comment