Tuesday, January 28, 2014

اسطوورة فايثون

فايثون هو ابن آله الشمس أبوللو و الحورية ( كليمينيه )

ربى كانسان ولكن امه كانت دائما تشير دائما الى السماء وتقول له ان والده هو اله الشمس

و كان فايثون دائم التفاخر بأبيه ، مما دفع رفاقه و على رأسهم ايبافوس ابن زيوس من الحوريه أيو أن يعايروه و يشككوا فى نسبه .

كظم فايثون غضبه و أسر الى أمه كليمينيه ليخبرها بما سمعه من ايبافوس ، و ارتمى على صدرها يحتضنها بذراعيه و يستحلفها بأن تصدقه القول عن شخص أبيه .

أثرت توسلاته فى نفس أمه كليمينيه فرفعت ذراعيها الى قرص الشمس لتقسم بأن والده هو آله الشمس أبوللو .

أخبرته أن عليه أن يمضى الى موطن ابيه الواقع على حدود البلاد لكى يتعرف على أسلافه من الآلهه و أن يسأل ابيه عما يريد أن يعرف

ملأ الأطمئنان و الفرح قلب فايثون و بناء على هذا خرج فايثون الى قصر ابولو الكائن على مسافة بعيدة حيث يلتف مجرى ارقيانوس حول حافة الارض

كان قصر أبوللو مهيبا" بأعمدته الشامخه المتألقه ببريق الذهب و البرونز و أبوابه الفضيه العاكسه للأضواء .

و كان فولكانو قد ابدع تزيين الأبواب بأشكال البحار ضامة الأرض فى رحابها و تعلوها السماء ببروجها الأثنى عشر ، سته على المصراع الأيمن للباب و الأخرى على المصراع الأيسر.

تقدم فايثون نحو أبيه الجالس على عرش يتألق بالزمرد ، و اصتفت الى جانبه على مسافات متساويه ربات الزمن و هن : اليوم و الشهر و السنه و القرون و الساعات ، كما كان هناك ايضا" ارباب الفصول الأربعه : الربيع و الصيف و الخريف و الشتاء .

لم يقوى الفتى على الأقتراب من أبوللو فقد بهره بوهج نوره ، تملكت الفتى رعشه و رهبه من غرابة ما يراه .

فاستدار اليه أبوللو و سأله : " فيم جئت ، ما قصدك من زيارة قصرى يا فايثون ، يا من لا يملك أبوك أن ينكر بنوتك "...

أجاب فايثون متلعثماً : " ان كانت كليمينيه لا تكذب و لا تخفى عنى أسرار خطيئه ارتكبتها ، فلتقدم لى دليل على صدقها و برهان يثبت بنوتى لك يبدد كل شكوكى " ...

طرح الأب عن رأسه وهج أشعة الشمس و سأل فايثون أن يقترب منه و احتضنه و قبله واحتفى به كثيرا.

سأل ابولو ابنه :ولكن ماذا جاء بك فى مثل هذه الرحلة البعيدة؟

فقص فايثون قصته على ابيه وطلب منه ان يهبه امنية

توسل فايثون الى ابيه بقوله: امنحنى ان تحقق لى امنية ، وسأكون راضيا كل الرضى مجرد امنية واحدة.

فلما ابصر ابولو الدموع تترقرق فى عينى ابنه وشاهد امارات المحنة بادية على وجهه أقسم له عند البحيره التى يقسم عندها الآلهه بأنه سيجيب لأى مطلب يطلبه .

طلب فايثون من أباه أبوللو أن يتخلى له عن يوم يقود فيه مركبته التى تجرها الخيول مجنحة الأقدام .

أشفق أبوللو على ولده من الطلب الخطير الذى لا يقدر عليه أقوى الآلهه فما بالك بالبشري الفانى فايثون .

و أوضح له صعوبة المهمه و أن رحلة العربه من الشرق الى الغرب عبر قبة السماء ليست نزهه وسط المراعى المليئه بالحسان و الحور بل هى مغامرة شاقه و هروب مستمر من الأهوال و الوحوش التى تملأ الطريق .

و أخبره أنه لو قدر له أن يسلك الطريق الصحيح دون أن ينحرف ، فسوف يكون عليه تجنب قرنى الثور الخطير و قوس برج الرامى و أنياب برج الأسد الهائج و أذرع العقرب التى قد تطبق عليه من ناحيه على حين تهدده أذرع السرطان من الناحيه الآخرى .

و لو نجى من ذلك كله ستثقل عليه قيادة الخيل حين تشتعل النيران فى صدورها و تنفثها من انوفها و خاصه حين ينحدر الطريق هابطا" من السموات العلى ، حتى أن الألهه تيثيس التى تستقبل العربه فى عمق مياهها كانت تخشى على الآله أبوللو من الأنحدار من عل .

و أعلمه أن الفرصه لا تزال أمامه حتى يطلب طلب آخر غير هذا الطلب الذى سيقوده الى الهلاك .

ضرب فايثون بتحذيرات أباه عرض الحائط ، فقط كان تواق الى قيادة مركبة الشمس .

حين ادرك الأب استحالة أثناء الأبن عن طلبه ، رافقه الى مركبة الشمس التى صنعها له فولكانو آله النار و الحداده من الذهب و صاغ عجلاتها من الذهب و الفضه و زين لجام خيولها بالزبرجد و رصعها بالجواهر التى تعكس بريق حين يقع عليه نور أبوللو .

أخذ فايثون يتحسس المركبه فى لهفه ، فى ذلك الوقت كانت أورورا ربة الفجر قد بدأت تفتح أبواب قاعتها فى أقصى الشرق ، و بدأت النجوم تنسل من السماء الى داخل القاعه تدفع صفوفها الطويله نجمة الزهره التى كانت أخر من ترك مكانه فى السماء .

و ما أن رأى أبوللو غروب نجمة الزهره حتى أمر ربات الساعات بشد الخيول الى العربه .

قام أبوللو بدهن وجه و جسد أبنه بدهان مقدس حتى يقيه من وهج النيران ، و توج رأسه بحزمه من أشعة الشمس .

و قال له نصائحه الأخيره : " ترفق فى أستخدام السوط ، و شد اللجام بكل ما تملك من قوه ، دع الجياد تنطلق بأقصى سرعه فالويل لك اذا ابطأت ، تجنب الطريق المستقيم المار بمناطق السماء الخمس و اتبع الطريق المنحدر الدائرى المار خلال مناطق الكون الثلاث الوسطى متجنبا" القطبين الشمالى و الجنوبى "

" ... و أخيرا" و أهم شئ ألا تجنح الى طبقات الجو العليا أو السفلى ، فان ارتفت عاليا" أشعلت النار فى قبة السماء و ان هبطت الى أسفل أشعلت الأرض " .

أندفع فايثون فى حماسة الشباب و ركب مركبة الشمس و أخذت خيول الشمس الأربعه بيرويس و ايووس و ايثون و فليجون فى الأندفاع صاعده فى الفضاء بحوافرها المجنحه .







أحسة الخيول بالمركبه أكثر خفة مما اعتادت عليه حين كان يقودها أبوللو ، و بدت المركبة كالسفينه تدفعها الأمواج لخفتها .

ما ان أحست الخيول بذلك حتى أنحرفت عن طريقها و أستولى القلق على فايثون و فلت الزمام من يده و لم يعد يعرف اين ستمضى به الخيول .

وقع بصر فايثون التعب من السماء العاليه على الأرض ، فعلا الشحوب وجهه و ارتجف رعبا" و تمنى لو لم تمس يداه قط مركبة الشمس .

و زاد خوفه منظر تلك الوحوش الضاريه الضخمه التى وقع بصره عليها متناثره فى صفحة السماء .

رأى العقرب يمد مخالبه نحوه على شكل قوسين مرخيا" ذيله ، باسطا" أذرعه المستديره على الجانبين فوق نجمتين ، و لم يكن فايثون يراه فى صورته القبيحه يتقاطر منه السم حتى جمد الدم فى عروقه و أسقط من يده اللجام على ظهور الخيل ، التى وجدت نفسها حره طليقه .

انحرفت الجياد عن طريقها و انطلقت هائمه فى الفضاء ، صاعده المرتفعات تاره و هابطه المنحدرات تاره أخرى حتى اقتربت من سطح الأرض ، أشتعلت السحب و ألسنة النيران تلتهم مرتفعات الأرض فتتشقق الأخاديد بجفاف تربتها ، و أشتعلت الغابات و اندثرت المدن و تحولت شعوب بأثرها الى رماد .

و لم تسلم مياه الأنهار و البحار و البحيرات من لفح النيران ، فقد تبخرت المياه فتصحرت الأرض و أخذت الحوريات ينزعن شعورهن و ينتحبن على بحيراتهم المفقوده .

تقلصت المحيطات مخلفه مساحات كبيره غطتها كثبان رمليه و اختبئ آله البحار فى أغوار كهوفهم من شدة الحراره .

أخذت الشقوق تغشى الأرض و يتسرب من خلالها الضوء حتى بلغ تارتاروس ، ملقيا" الرعب فى قلب ساكنى العالم السفلى .

حين نفذت مياه البحار و المحيطات المحيطه بالأرض نهضت آلهة الأرض من بين الرماد و أحاطت الأرض بيدها لتحميها من شدة الحراره اللافحه ، و أخذت تتوسل و تتضرع الى زيوس أن يشفق عليها و على أطلس الذى يعانى من حمل السماء المشتعله فوق كتفيه ، و ذكرته أنه لو هلكت الأرض و البحار لأنتهى الأمر الى الفوضى .

بعد أن انتهت الأرض من توسلتها دخلت الى الكهوف المجاوره لعالم الموتى عاجزه عن احتمال مزيد من شدة الحراره .

أستدعى زيوس الآلهه اليه و من بينهم أبوللو ، و أشهدهم كلهم على أن نجاة الكون من الكارثه المرتقبه رهن بتعاون أبوللو .

صعد زيوس الى المكان الذى أعتاد أن يطلق منه الغيوم و الرعود و الصواعق ، و رفع بيده صاعقه هائله صوبها الى قائد مركبة الشمس فأحترقت المركبه و انطلقت خيولها مولية الأدبار بغير قائد و عادت تلهث الى حظائرها

و هوى فايثون فى الفضاء و النار مشتعله فى خصلات شعره كانه نجم يهوى على الارض ، حتى هبط فى بقعه قصيه من الأرض و تلقاه نهر ايريدانوس فبلل وجهه المحترق .

قامت الحوريات بدفن رفات فايثون التى ألتهمتها النيران ، ثم نقشن على ضريحه :

هنا يثوى فايثون قائد مركبة أبيه ،
و هو ان لم يكتب له التوفيق فى قيادتها ،
الا أنه قضى نحبه شهيد شجاعته الخارقه " ...

فقدت كليمينيه وعيها بسبب حزنها على ولدها و راحت تضرب الأرض دون هدى حتى وصلت الى قبره فاحتضنت الصخره التى نقش عليها اسمه و بللتها بدموعها .

لم يكن حزن أخوته بنات الشمس اقل من حزن امهن عليه ، فأمضوا أربعة أشهر مقيمات عند قبره ينادونه ليل نهار .

ذات يوم عجزت أكبرهن أن تحرك قدميها ، فقامت لنجدتها أختها غير أنها وقعت فى قبضة جذور شجره نبتت فجأه .

و أكتشفت الثالثه و هى تشد شعرها انها تقطف من رأسها أوراق شجر و اطبق جذع شجره على ساقى الرابعه ، و تحول ذراعى أخريان الى غصنين طويلين ، و شيئا" فشيئا" تحولن الى اشجار ، و لم يبق منهن شيء بشري غير شفاهن التى كانت تنادى على امهن .

حاولت الأم فى ثورتها أن تمزق الأشجار و انقاذ بناتها ، الا انها كلما هشمت غصن انسكبت منه الدماء و كأنه جرح ينزف .

صاحت ابنه لها : " رفقاً يا أماه ، انك تصيبينا بالألم ، ناشدتك الا تؤذينى ، وداعاً يا أماه " .

و ما لبس لحاء الشجره أن انطبق على هذه الكلمات الأخيره ، و انسابت دموع جمدتها الشمس فاذا هى كهرمان أخذ يتساقط من الأغصان على صفحة النهر فتحمله مياهه بعيداً .

ارتدى أبوللو والد فايثون ثياب الحداد و انطفأ بريقه و سخط على الضياء و رفض قيادة مركبة الشمس مرة أخرى ورفض الظهور محتجبا عدة ايام تاركا السماء تكسوها السحب السوداء .

قال : " فليقم غيرى بقيادة مركبة الشمس ، و ان لم يتقدم لها متطوع فليقدها زيوس بنفسه ، و عندها يفقد السيطره على جيادى سيكف عن ارسال الصواعق التى تحرم الأباء و ابنائهم " .

أخدت الآلهه تحوم حول أبوللو آله الشمس و يلحون فى الرجاء الا يترك العالم أسير الظلام .

أعتذر زيوس عن ارسال الصاعقه و شارك بدوره فى الرجاء

حينها تقدم أبوللو و أمسك بزمام خيوله و انطلق فى رحلته الحزينه الأبديه نحو الغرب






No comments:

Post a Comment