Tuesday, January 28, 2014

اسطورة ميداس

كان ميداس ملك فريجيا ملكاً طيب القلب ، حكم مملكته بعدل و لكنه كان يفتقد الحكمة و عمق التفكير قبل الكلام

ذات يوم عثر فلاحى فريجيا على سيلينوس (ساتير عجوز على هيئة نصف إنسان ونصف حيوان تابع للأله ديونيسوس) يسير مترنحاً بفعل الخمر و الشيخوخه في حدائق الملك ميداس ، فقيدوه بسلاسل من زهور و قادوه الى ملكهم.

أشفق ميداس على الساتير العجوز و رحمه من العقاب ، و بعد ان عرف ميداس ان سيلينوس تابع للأله ديونيسوس (أله الخمر)، احتفى به عشرة أيام و عشر ليال .

و فى اليوم الحادى عشر رد سيلينوس الى ديونيسوس.

غمرت ديونيسوس الفرحه لعودة سيلينوس مرشده و راعيه ، و رأى ان يكافئ ميداس تاركاً له حرية اختيار ما يشاء

لم يفكر ميداس الأحمق ، فأختار ما فيه سوء حظه و شقاؤه .

قال ميداس لديونيسوس : " .. هبنى قدرة ان أحول ما ألمسه الى ذهب "

أسى ديونيسوس لسوء اختيار ميداس ، لكنه استجاب لطلبه .

انصرف الملك ميداس سعيد بقدرته الجديده ، و أخذ يطمئن نفسه بما وعده ديونيسوس من تحويل ما يلمسه الى ذهب .

ذهل ميداس حين انتزع غصن شجرة سنديان فاذا هو يتحول الى قضيب من الذهب ، ثم حمل حجر من الأرض فاذا هو يتوهج بلون الذهب ، ثم لمس حفنة تراب فتحولت الى كتله من تبر ، كذلك تحولت التفاحه التى اقطتفها من غصنها الى تفاحه من ذهب .



و حين هم بغسل يديه تحول الماء الى قطرات من الذهب .

تجاوز الخيال ما كان يحلم به و امتلأت نفسه فرحاً بقدرته الجديده .

جلس ميداس الى مائدته و قد ملأها الخدم بأطيب الطعام و ما تشتهيه الأنفس ، لكنه لم يكد يلمس كرة خبز حتى وجدها تحولت الى ذهب ، و لم يكد يطبق اسنانه على قطعة لحم حتى احس بها تنطبق على قضيب ذهبى

و مع رشفات النبيذ ، كان السائل يتحول الى قطرات من الذهب المذاب عندما يلمس شفتيه .



هنا احس ميداس بالشقاء و المأساه التى احلت به جزاء لطمعه و سوء اختياره .

و لم تعد له امنيه غير ان يحرم من تلك القدره و اصبح يكره الذهب كره شديد ، و اصبح ميداس عاجزاً عن اشباع جوعه و أرواء ظمئه ، و يقال أنه ثم نسي وحضن ابنته فتحولت إلى ذهب



تضرع الى ديونيسوس طالباً منه ان يرحمه و ان يحرره من هذا البلاء .

بعد ان اعترف ميداس بخطئه ، رق له قلب باخوس و قال له : " ... سر على شاطئ نهر باكتولوس ثم اصعد عبر المرتفعات حتى تصل الى منبع النهر ، فأغمس فيه رأسك و أغسل مع جسدك خطيئتك "

فعل ميداس ما أمره به باخوس و انتقلت قدرة تحويل الأشياء الى ذهب من ميداس الى مياه النهر ، و تحولت رمال الوادي إلى حبات ذهبية.

زهد ميداس الثراء و اتجه الى الغابه ليعيش فيها بجوار الأله ( بان ) اله المراعى المقيم فى كهوف الجبال .

و فى يوم بينما كان بان يشدو بأغنيه و يعزف على مزماره المصنوع من قصبات الغاب المتلاصقه بالشمع ، اعجب ميداس بعزفه اعجاب شديد و دفعت حماقة ميداس ان يزهو بموسيقى بان و أن قدراته تفوق قدرات أبوللو.

و تحدى أبوللو فى مباره للعزف ، بان على مزماره و أبوللو بقيثارته . و احتكموا الى جبل تمولوس .

جلس الجبل العجوز ليحكم بين المتبارين و ألتفت الى بان قائلاً : " أن قاضيكم ينتظر "



عزف بان على مزماره لحن اثار اعجاب ميداس

بعدها ألتفت الجبل الى أبوللو ، كان أبوللو قد كلل شعره الذهبى بأكليل من اشجار الغار و حمل فى يده قيثارته المطعمه بالعاج الهندى و الأحجار الكريمه و بدأ يعزف لحناً ساحراً خلب لب الجبل تمولوس .

اعلن الجبل فوز أبوللو و دعى بان الى الأقرار بهزيمة مزماره أمام قيثارة أبوللو .



سلم الجميع بحكم اله الجبل ، عدا ميداس الذى جانب العداله .

غضب أبوللو من ميداس غضباً شديداً ، و أصر الا تبقى أذنا ميداس الظالم على حالتهم البشريه فأطالهم و كساهم بشر رمادى خشن



و بذلك تحولت أذنيه الى أذنى حمار بينما بقى جسده على حاله .



خجل ميداس من هيئته الجديده و حاول أخفاء أذنيه بعمامه تلتف حول رأسه ، غير ان حلاق الملك ميداس كشف عن هذا السر المخجل و هو يقص شعره الطويل .

لم يجسر الحلاق على افشاء السر و حين ضاق بكتمان الأمر ، حفر حفره فى الأرض و همس فيها بسر الأذنين ثم أهال التراب على الحفره و سواها بالأرض بعد أن دفن فيها السر .

سرعان ما نبتت اشجار الغاب مكان الحفره و لم يمر عام حتى كان الغاب قد نما و استطال ، و أخذ يذيع السر الذى دفنه الحلاق كلما هزته ريح الجنوب مكرراً الكلمات التى أسرها اليه الحلاق

No comments:

Post a Comment