Tuesday, January 28, 2014

أسطورة أدونيس

وبسبب تعدد الروايات التي تناولت أسطورة أدونيس اخترنا أكثرها قبولاً بصفة عامّة وتحكي الأسطورة أنّ أدونيس هو ابن الملك ثياس Theias وأنّ أفروديت أغوت ابنته "سميرنا" Smyrna أن ترتكب زنا المحارم مع والدها ثياس انتقاماً من أمّها التي كانت تفاخر بجمال ابنتها الذي يفوق جمال أفروديت! واستطاعت الابنة بمساعدة مربيتها "هيبولتا" Hippolyta أن تخدع والدها وتجامعه وتحمل منه. وعندما اكتشف الأب الخدعة طاردها بسيفه ليذبحها، فحولتها الإلهة إلى شجرة من أشجار المر ضربها الأب بسيفه ضربة قويّة فانشطر جذع الشجرة نصفين، وخرج منها مولود كان في رحم الأم أدونيس، ويُقال إنّ المياه اللزجة التي تفرزها شجرة المر هي دموع تنهمر من أجل المصير المؤلم لأدونيس.
وأُعجبت أفروديت بجمال الطفل فحمته وعهدت به إلى برسفوني إلهة العالم السفلي وزوجة هاديس بعد أن وضعته في صندوق فاخر، وطلبت منها ألاّ تفتحه. ورغم أنّ برسفوني وعدتها بذلك فإنّها لم تستطع الوفاء بالوعد، وغلبها حب الاستطلاع ففتحت الصندوق، وانبهرت بجمال "أدونيس" وتعهدته بالرعاية حتّى أصبح شابّاً يافعاً، فعشقته إلهة العالم السفلي، وأبت أن تردّه إلى أفروديت التي احتكمت إلى زيوس كبير الآلهة لفض النزاع بينهما، لكنّه أحال القضيّة إلى الحورية كاليوبي Calliope لتحكم بالعدل، فكان حكمها على النحو التالي: يقضي أدونيس الثلث الأول من كل عام في صحبة برسفوني، والثلث الثاني في صحبة "أفروديت"، وفي الثلث الثالث ينعم هو بحياته فيقضيه كما يشاء.
غير أنّ عشق أدونيس لأفروديت كان أشد عنفاً مما جعل برسفوني تفكّر في الاحتفاظ به بجوارها طوال العام، فلجأت إلى إله الحرب أريس Ares (وهو نفسه الإله مارس Mars عند الرومان) عشيق أفروديت العنيد، فأوغرت صدره مما جعله يتقمّص هيئة خنزير برّي ويقتل أدونيس في غيبة أفروديت التي كانت تحرسه في صيده باستمرار، وحزنت عليه ربّة الجمال حزناً شديداً وزرفت دمعاً غزيراً تحوّل إلى زهور بيضاء تنبت على جانب الزهور الحمراء التي نبتت من قطرات أدونيس، وهدّدت الربّة بالانتحار وترك العالم الأرضي لتعيش مع حبيبها في العالم السفلي، غير أنّ مجمع الآلهة انعقد في الحال وقرّر أن يخرج أدونيس إلى عالم البشر ليقضي النصف الأول من كل عام حتّى لا يخلو العالم من الجمال إذا ما نفّذت أفروديت تهديدها، وهكذا نَعِم العالم بالحياة والجمال والمتعة في الربيع والصيف، وهي أمور تختفي مع بداية الخريف عندما يهبط أدونيس ليقضي النصف الثاني من العام في العالم السفلي عالم الكآبة والموت، وهكذا نجد أنّ الصراع بين الحب والموت توقف دون أن يتغلّب أحدهما تماماً على الآخر، فالحب ينتصر في الربيع حيث تتفتّح الأزهار وتبتسم الطبيعة، لكن الغلبة تكون للموت مرّة أخرى في الخريف فتتساقط أوراق الشجر، ويغشى الكائنات ضرب من الحزن والكآبة

No comments:

Post a Comment