Tuesday, January 28, 2014

اسطورة اراكنى

ولدت اراكني في قرية صغيرة من قرى ليديا


كان أبوها أيدمون يحترف صباغة الصوف .

كانت أراكنى شديدة المهارة و البراعه فى الغزل

كانت حوريات الغابه يتركن منازلهن وسط جبل تيمولوس حتى يشاهدن مهارتها الفائقه ، و كانت حوريات الماء يتركن نهر باكتولوس ليستمتعن بمشاهدة نسجها .


و كان معروف أن أراكنى قد تعلمت على يد الألهه أثينا

و لكنها انكرت ذلك بعد أن غرتها الشهره و كلمات المدح و الأعجاب .

و ذات يوم قالت أحدى حوريات الغابه لأراكني : " لقد انعمت عليك أثينا بنعمه عظيمه "

لكن أراكني تحدت الجميع قائله :" لم يعلمني احد ، لقد علمت نفسي بنفسي ولا فضل لأحد علي "

و أضافت في تحد : " فلتأت أثينا و تبارينى ، فان فازت على كان لها أن تفعل بى ما تشاء و سوف نرى من فينا تستحق أن تكون ألهة الغزل " .

غطت الحوريات أفواههن من الخوف بعد سماع ذلك التطاول على أثينا أحد أقوى ألهة الأوليمب

و كان خوفهم فى محله ، فقد جن جنون أثينا عند سماع كلام أراكنى .

تنكرت أثينا فى صورة امرأه عجوز و ذهبت الى كوخ أراكنى



طرقت العجوز على الباب ، و عندما فتحت لها أراكني ، قالت لها العجوز : " سنين عمرى الطويله و شيخوختى اكسبتنى خبرة طويله و أنى أرجوك أن تستمعى الى نصيحتى ، لا مانع من التفاخر بأنك أكثر البشر مهاره فى غزل الصوف ، و لكن أحذرى أن تتمادى و تقارنى نفسك بأحد الآلهه "

أضافت العجوز قائله : " بل عليك أن تتوسلى اليها أن تغفر لك تطاولك ، و سوف تصفح عنك حين تطلبي ذلك " .

ألقت أراكنى النسجية التى كانت فى يدها و نظرت الى العجوز غاضبه و قالت فى ثوره :" أيتها العجوز الحمقاء لا تخالى أن نصيحتك لها تأثير فى نفسى فأنى مازلت عند رأيى " .

و أعلنت فى كبر أن أثينا تتهرب من مبارتها و قالت : " لو كانت أثينا بنصف ما يقال عنها من عظمه فلتأت الى "

عندها صاحت أثينا بعد أن عادت الى صورتها الأصليه " ها أنا قد جئت "



أحمر وجه أراكنى من المفاجأه الا أنها تماسكت و قالت : " أهلاً أثينا ، جروؤت أخيراً على مواجهتى "

لم تضف أثينا أى كامه بل قبلت التحدى على الفور .

و مع الفجر بدأت المباراه ، أخذت كل من أراكنى و أثينا موقعهما فى أحد أركان الغرفه ، و بسطت كل منهما نولها و شدت خيوطه



أخذت كل منهما فى تشكيل الأساطير على نسجيتهما ، فحاولت كل منهما أن تجعل من لوحتها رساله للأخرى

أثينا أختارت أن تصور مشهد انتصارها على بوسيدون أله البحر فى المباره التى جرت بينهم لتحديد أسم مدينة أثينا اليونانه .

رسمت أثينا صخرة أريس التى شهدت المناظره الكبرى بينها و بوسيدون من أجل أطلاق أسم أحدهم على المدينه ، و أجلست الآلهه الأثنى عشر فوق عروشهم العاليه يتوسطهم زيوس

و أظهرت بوسيدون واقفاً بحربته الطويله ثلاثية الشعب يشق الصخره ليظهر الجواد من بين الصخر آيه على أستحقاق أطلاق أسمه على المدينه .

كذلك صورت نفسها ممسكه بدرعها ، حامله رمحها و مرتديه خوذتها ، و أظهرت شجرة الزيتون التى نبتت حيث ضربت الأرض برمحها .



و قد تعمدت أثينا أثارة الذعر فى قلب لأراكنى و الأيحاء لها بما ينتظرها من عقاب ، فأضافت الى اللوحه صور أربع مباريات أخرى جعلت كل واحده فى ركن من أركان النسجيه .

الركن الأول :
صورة هايموس و رودوبى و كانا أخ و أخت من البشر تسميا بأسماء كبيرى الآلهه زيوس و هيرا فمسخا جبلين .

الركن الثانى :
صورت مصير جيرانا ملكة الأقزام التى تحدت الألهه هيرا ، فمسختها الى طائر الكركى و جعلتها تشن الحرب على شعبها .

الركن الثالث :
صورت أثينا انتيجونى أبنة ملك طرواده التى جرؤت على منافسة هيرا و تباهت أن شعرها أجمل من هيرا فحولتها الى طائر اللقلق .

الركن الرابع و الأخير :
طرزت أثينا صورة سيزاس ملك باخوس بعد فقدانه بناته محتضناً درجات سلم المعبد التى كانت فى الماضى اعضاء أجساد بناته ( فقد أعجبت بأنفسهن أكثر من أعجابهن بهيرا ) .

و زينت ُينا حواف النسجيه بأغصان الزيتون المجدوله رمز السلام .

و أستخدمت أثينا خيوط تشع بألوان قوس قزح التى تنعكس فى قبة السماء بعد هطول الأمطار ، فأصبحت نسجيتها متألقة كنجوم السماء.

أما أراكنى أختارت أن تصور نزوات الآلهه و مجونها لتثبت لأثينا أن سادة الأوليمب ليسوا بالكمال الذى يدعون.

فتوسطت نسجيتها صورة أوربا التي خدعها زيوس متخفياً فى هيئة ثور و هي على ظهره يعبر بها البحر



كذلك صورت أستيرييه و قد قبض عليها زيوس بمخالبه بعد أن تحول الى نسر ، و أضافت صورة ليدا نائمه تحت جناحى طائر البجع و صوره أخرى لزيوس متشكلاً فى أمطار من الذهب ليغرى داناى ، و فى صورة ألسنة لهب لكى يفوز بأبنه سوبوس .

و هكذا طرزت العديد من الصور التى تحكى نزوات الآلهه بوسيدون ، ديونيسوس و هرميس ، و أخيراً طرزت أراكنى حواف النسيجه بزهور متداخله مع أغصان لبلاب رخو .

و نفخت الحياه فى النسجية حتى ليحسب الرائي ان الأمواج الثائرة حقيقيه ، و انه يسمع أصوات الحيوانات و يشم عبير الزهور.

لم يستطع أحد من الحاضرين أن يكشف عن عيب فى نسجية أراكنى

حتى ألهة الحسد التى كانت حاضرة المبارة ، هتفت في انبهار قائلة : " يا لروعة هذه النسجية ، لا يوجد بها أي عيب "

غضبت أثينا غضب عارم من براعة أراكنى فمزقت النسجيه الخاصه بأراكنى و هوت بعصاها على رأس أراكنى مرات عده .



ضاق صدر أراكنى من هذه الاهانات و قررت ان الموت أهون من الأذلال ، و شنقت نفسها

و عندما رأتها أثينا معلقه من عنقها أشفقت عليها و قالت : " بامكانك أن تبقى حيه و لكن معلقه فى الهواء للأبد ، و بما أنك تحبين الغزل و بارعة فيه ، ستغزلين الى الأبد ، و لا تعقدى على أملاً بعد الأن ، و سيكون هذا مصير ابنائك و أحفادك من بعدك "



ثم انصرفت بعد أن نثرت عليها عصارة عشب مقدس

و ما أن لمستها عصارة هذا العشب حتى تساقط شعرها و ضمر انفها و اذناها و رأسها و باقى أطرافما و برز من جوانبها أصابع دقيقه بدلاً من ساقيها و لم يبق منها الا بطنها ينساب منها الخيط .

و ها هى أراكنى و قد تحولت الى عنكبوت ، تغزل نسيجها كما كانت تفعل من قبل .

No comments:

Post a Comment